"متاجرة إيران بالمسجد الأقصى.. عقائد وحقائق"

"متاجرة إيران بالمسجد الأقصى.. عقائد وحقائق"
ملكية الصورة: الإنترنت
بلال محمد الشيخ _ كاتب سياسي وناشط ثوري

 أحببت أن أبدأ مقالي هذا بسؤال يدور في ذهني وفي أذهان كل مهتم بالشأن الإيراني؛ لماذا تدعو إيران إلى تحرير المسجد الأقصى وهي لا تؤمن به؟

في مطلع الثمانينات تحولت إيران إلى جمهورية تدعي الإسلام، بعد الإطاحة بنظام الشاه وبالتزامن مع هذا التحول بدأت الصيحات التي تدعو لمحاربة الشيطان الأصغر والأكبر أي الكيان الصهيوني في فلسطين، واتخذت إيران من مواسم الحج منبراً لشعاراتها في كل عام، وهم يعلمون يقينا أن طريق القدس لا يمر بالحرمين، وأن طريق تحريرها واضح، لكن لإيران مآرب أخرى في هذه الصيحات.

ولحسم الجدال حول الموضوع بعد المتغيرات السياسية الكبيرة في المنطقة لاسيما بعد اندلاع ثورات الربيع العربي التي رسمت خارطة سياسية جديدة للمنطقة، وكان لإيران عامل أساسي في محاربتها لاسيما في سورية واليمن والعراق، لابد لنا من العودة إلى الأصول العقدية في كتب الشيعة، وتوضيح رأي زعماء ومعميي إيران بالمسجد الأقصى وموقفهم منه.

حقيقة المسجد الأقصى عند الشيعة:

 لا تؤمن الشيعة بالمسجد الأقصى الذي في بيت المقدس ولا تعترف بفضله بل تقول أنه مسجد في السماء.

ففي كتاب "تفسير الصافي للفيض الكاشاني"

جاء في تفسير قوله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى "( الإسراء ١)

"أي إلى ملكوت المسجد الأقصى الذي هو في السماء كما يظهر في الأخبار" الصافي ٣/١٦٦

وفي تفسير نور الثقلين للحويزي ورد ما نصه:

عن سالم الحناط عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المساجد التي لها الفضل؟ فقال المسجد الحرام والمسجد النبوي، قلت: والمسجد الأقصى قال: ذلك في السماء إليه أسري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت:  الناس يقولون إنه بيت المقدس؟ فقال: مسجد الكوفة أفضل منه "تفسير نور الثقلين (٣/٩٧)

وعن موقع المسجد الأقصى :

جاء في كتاب" الكافي" والذي يعد من أهم مراجع كتب الشيعة :

أبلغت أنك عندك اسما من أسماء الله تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك فقال لي: وهل تعرف بيت المقدس؟ قلت: لا أعرف إلا بيت المقدس بالشام، قال: ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس وهو بيت محمد وآل محمد صل الله عليه وآله، فقلت له أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس فقال لي تلك محاريب الأنبياء وإنما كان يقال لها حظيرة المحاريب حتى جاءت الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشيطان فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الأسماء وهو قول الله تعالى البطن لآل محمد والظهر مثل: إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان} الكافي (١/٤٨١)

وفي كتاب علل "الشرايع" بإسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب عليهما السلام عن الله جل جلاله هل يوصف بمكان فقال تعالى عن ذلك، قلت فلم أسرى بنبيه صلى الله عليه وسلم قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجايب صنعه وبدايع خلقه. علل الشرايع (١/١٦٠)

وأما علامتهم الشهير والمرجع الأهم بالنسبة للشيعة وهو المعتمد لديهم في نقل وتصويب الرويات عن أئمة أهل البيت الملقب بـ ( المجلسي) فينقل في كتابه الشهير (بحار الأنوار) مانصه : عن أبي عبداالله عليه السلام قال: سـألته عن المساجد التي لها الفضل فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال :  ذلك في السماء إليه أسري برسول االله ، فقلت: إن الناس يقولون إنه بيت المقدس ، فقال : مسجد الكوفة أفضل منه»!!

سأكتفي بهذا النقل لأهم مصادرهم ومراجعهم ومن أحب أن يستزيد فليرجع إلى كتبهم: كمنتهى الآمال، كامل الزيارات، وتفصيل وسائل الشيعة، والتي أنكروا فيها المسجد الأقصى وقدسيته وفضله، ومن هذا يتبين لنا أن هذه المتاجرة بالقضية الفلسطينية محض توظيف سياسي قميء وافتراء رخيص، تستثمر إيران من خلاله تجنيد عشرات الألوف من الشيعة العرب لخدمة أجنداتها ومشاريعها التوسعية الفارسية في المنطقة العربية.

لطالما قرأنا تصريحات لزعيم حزب الله الإرهابي "حسن نصر الله" الذي يحشد منذ سنوات لتحرير فلسطين وهو على حدودها ولم يطلق رصاصة واحدة باتجاه الكيان الصهيوني!!!

أن طريق القدس يمر من حلب وإدلب وحمص، في خطاب دنيء لقتل وتشريد أهل السنة في سورية ومقاومة الربيع العربي هناك تمهيداً لسيطرة إيران على الجغرافية السورية.

كما أن الملقب زورا وبهتاناً بشهيد القدس والذي لا يعرف حدودها أصلا، "قاسم سليماني " قد سحق كل حلم بالتحرر والتطور لدى الشعوب العربية لاسيما شعبي العراق وسورية، حيث جند الآلاف من جنوده لقتل وتهجير أهل السنة والقضاء على الشاب العراقي والسوري، فتسميته بشهيد القدس تسمية سياسة قميئة.

كل الخطابات التي تنادي بها إيران لسحق الكيان الصهيوني هي محض خطابات تضليلة سياسية، فهي أصلا لا تؤمن به ولم تضحي بجندي واحد على حدوده،بل جندتهم لخدمة مشاريعها وتحقيق حلمها باستعادة الإمبراطورية الفارسية واحتلال المنطقة العربية.

ولاشك أن لتوضيح هذه الحقائق أهمية كبيرة جداً، فالكثير من الشعوب والمجتمعات العربية "الشيعية خاصة "خدعت بخطاب الخميني وحسن نصر الله حيث خدرت عقولهم وجعلت منهم مجرد أدوات رخيصة لتحقيق أهدافهم.

فالقضية الفلسطينية هي قضية مقدسة عند المسلمين عامة والعرب خاصة وإلصاق إيران بها لخدمة أجنداتها مقابل حصول المجاملون على دعم محدود أمر بغاية الخطورة، فإيران تنتفع أضعاف ما ينتفع به المجاملون على حساب القضية.

وخلاصة القول:

"إن إيران ترى في غزة مدخلاً يخفف عزلتها عن أهل السنة من خلال دعم محدود للقضية الفلسطينية المتفق عليها بين المسلمين"

نراهم يحرصون على إلصاق أنفسهم بالقدس وفلسطين دائماً ليستفيدوا من ذلك في أجندة توسعية، فكم سمعنا من قادة إيران وحزب الله أثناء حربهم إلى جانب حليفهم الأسد أن الطريق إلى القدس لا بد وأن تمر بمعارك الغوطة وحمص والقلمون وحلب وإدلب!

على المجتمع الفلسطيني خاصة والعالم الإسلامي عامة إدراك هذا تماماً فالذي يحتل ويغتصب وينهب ثروات العراق ولبنان وسورية واليمن ويقتل أطفالها لا يحمل في صدره قضية ولن يحرر الأقصى ولن يرعى حرمة الدم المعصوم الذي سفكوه أصلاً في جارات فلسطين.

المصدر: مركز الخليج للدراسات الإيرانية