زواج السوريين في تركيا.. ما العقوبة التي يفرضها القانون التركي في حالة الزواج من قاصر؟

زواج السوريين في تركيا.. ما العقوبة التي يفرضها القانون التركي في حالة الزواج من قاصر؟
ملكية الصورة: الإنترنت (تعبيرية)
تفاصيل برس - محمد الصطوف - خاص

زواج السوريين في تركيا.. ما العقوبة التي يفرضها القانون التركي في حالة الزواج من قاصر؟

بعد دخول الشاب مهند الحسن (24 عاماً) إلى تركيا، منذ نحو عام برفقة زوجته زينة (15 عاماً ونصف)، بعد أن تزوجا في سوريا، اضطر لمراجعة المستشفى الحكومي في مدينة مرسين، التي يقيم فيها برفقة ذويه.

كانت زوجته زينة حاملا في شهرها التاسع، توشك على الولادة، توجه برفقة والدته، مصطحباً زوجته إلى المستشفى الحكومي في مرسين، وبعد مراجعتهم لقسم الولادة، تفاجأ بأن الجهات الطبية طلبت الشرطة لاعتقاله والتحقيق معه بجرم اغتصاب قاصر.

هذا جزء بسيط من قصته التي سردها لنا الشاب مهند، الذي أمضى عدّة أيام في سجن الأجانب بتركيا، حتى تمكن من تسوية أوضاع زواجه قانونياً وتثبيت زواجه وفق ما يتطلبه القانون التركي، بعد رحلة معاناة شاقة في معرفة الأوراق المطلوبة للزواج واستخراجها، وإجراءات تتطلب معرفة ووعياً قانونياً كان يجهله، وهو حال الكثير من اللاجئين السوريين.

الفتاة القاصرة زينة واحدة من السوريات اللواتي حملنّ معهن آثار عادات وقوانين تسمح بالزواج المبكر في سوريا، (القانون السوري لا يعاقب على الزواج المبكر، ولكن أحاطه بشروط معينة) إلا أنهنّ فوجئن بمخالفة ذلك لقوانين بلاد اللجوء ومنها تركيا، التي تعتبره جريمة، فحلت بعد ذلك الآثار السلبية لهذا الزواج على العائلة بأكملها.

موقف القانون

بحسب القانون التركي فإنه لا يمكن لمن لم يتموا سنّ السابعة عشر أن يتزوجوا، باستثناء بعض الحالات التي تقدّرها المحكمة المختصة وفقاً لبعض المعطيات.

القانون التركي واضح في خصوص زواج القاصر، إلا أن الشاب مهند كان يجهل ذلك، كما أن زواجه كان قد تمّ في سوريا قبيل دخوله إلى تركيا، بأشهر قليلة، قادماً من ريف إدلب الشمالي، وفق ما قاله الشاب.

وأضاف أنه وزوجته توجها للمستشفى، إذ أن موعد ولادة زوجته كان قد حان إلا أنهم تفاجؤوا باعتقاله من قبل الشرطة، مشيراً إلى أنه دخل في متاهة بعد ذلك لتأمين أوراق وموافقة والد زوجته الذي يقيم في مدينة تركية أخرى.

وتابع: أنه استعان بمحامٍ تركي، الذي ساعده على تثبيت زواجه رسمياً في تركيا بعد أن طبق المعايير والشروط التي يتطلبها القانون لمثل حالة زواجه، ناصحاً في الوقت ذاته الشبان السوريين بمختلف بلاد اللجوء الانتباه جيداً للقانون ومعرفته والاطلاع عليه.

وأشار مهند إلى أنّ القاضي الذي تابع قضيتهم استمع إليه، واستمع إلى حديث الأهل، واستند إلى شيوع هذا الزواج في سوريا، وحالة اللجوء التي يعيشها السوريون في تركيا، وبعد عدة جلسات لم يُصدر حكماً بالسجن عليه، خصوصاً بعد فحوصات طبية للبنية الجسدية لزوجته، وموافقة ولي أمر زوجته، إلى أن أطلق سراحه من السجن وحكم بقبول تثبيت زواجه.

المحامي محمد حيدر المختص بشؤون اللاجئين السوريين في تركيا، قال إن المادة رقم 124 من القانون التركي، تنص على أنه "لا يحق للشاب أو الفتاة الزواج قبل أن يتموا سن الـ 17 تمامًا، لكن يجوز للقاضي أن يسمح بزواج الفتاة أو الشاب في حال إتمامهم سن الـ 16، في ظروف استثنائية ولسبب مهم، كما يجب قبل اتخاذ القرار الاستماع إلى ولي الأمر من أم أو أب أو من في مكانهما".

وأضاف أنه يعتبر غير ذلك "استثمارًا جنسيًا" بحسب القانون، ويعاقب الشاب عليه، وقد يمتد إلى ولي أمر الفتاة وتصل فترة السجن من ستة أشهر إلى سنتين، أما في حال تصريح الفتاة أنها أجبرت على الزواج وثبت ذلك فعلًا، فقد تصل العقوبة للسجن 16 عامًا.

وأوضح المحامي، أن القانون التركي ينطبق على جميع إجراءات الزواج لطالبي اللجوء واللاجئين وعديمي الجنسية التي ستجري في تركيا. وبموجب القانون التركي، يمكن للسلطات التركية أن تزوج مواطنا تركيا وطالبي اللجوء أو لاجئين أو عديمي الجنسية أو اثنين من طالبي اللجوء أو لاجئين من جنسيات مختلفة. وتخضع جميع الزيجات التي تقوم بها السلطات التركية للقانون المدني التركي.

وأشار إلى أن الزواج يقوم به موظفو الزواج في إدارات الزواج في البلديات. ولذلك، يتعين على الأزواج الذين يعتزمون الزواج تقديم الوثائق ذات الصلة إلى البلديات، مضيفاً أن الزواج الرسمي (المدني) فقط معترف به قانونا في تركيا، على النحو المحدد في القانون المدني التركي. وهناك أشكال أخرى للزواج، (زواج عرفي)، غير معترف بها في تركيا.

المحامي محمد أوضح بأن الأوراق المطلوبة للزواج في تركيا، إذ يجب تقديم الوثائق التالية إلى إدارات الزواج في البلديات: إلتماس الزواج: يجب على الزوجين تقديم التماس الزواج (تسمى "إفلنمه بياناميزي" باللغة التركية)، التي يوقعها كل المتقدمين للزواج، شهادة العزوبية، تقرير طبي خاص بالزواج، وثيقة تسجيل مقدم الطلب للحماية الدولية. وثيقة هوية مقدم الطلب، أربع صور شخصية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الموافقة الخطية من الممثل القانوني، بما في ذلك التوقيع المعتمد، مطلوبة لزواج القصر والأشخاص ذوي القدرة المحدودة.

معدل زواج القاصرات في تركيا عام 2017، ارتفع إلى نحو 26%، بعد أن كان في العام 2016، نحو 12%، وفقًا لتصريحات مبعوث الأمم المتحدة التربوي العالمي، غوردون براون، وفق تقرير نشره موقع "marksist" التركي.

ووفقا لإحصائية عام 2019 فإنه يبلغ عدد الفتيات السوريات في تركيا اللواتي أعمارهن بين 10 و18 سنة، 311 ألفًا و12 سورية.

وكانت صحيفة "حرييت" التركية، قد نشرت تحقيقاً عام 2018، قالت فيه، إن 35 قاصرة سورية ولدنّ في مستشفى سليمان القانوني وحده في ولاية إسطنبول، خلال أول خمسة أشهر من 2017.

ووفقا لدراسة أجرتها مديرية الشؤون التركية، والتي صدرت في آذار عام 2018، فإن السوريات احتللنّ المرتبة الأولى في نسبة الزوجات الأجنبيات المثبت عقدهن لعام 2017 في تركيا بنسبة 19.4% من مجموع زيجات الأجانب البالغة 20 ألفًا و972 في عموم تركيا.