محمد الخلف يكتب.. 9 سنوات على التدخل الروسي في سوريا.. جرح مفتوح في جسد الثورة

9 سنوات على التدخل الروسي في سوريا.. جرح مفتوح في جسد الثورة
مصدر الصورة: الإنترنت
محمد الخلف - تفاصيل برس

في مثل هذا اليوم، منذ تسع سنوات، كان العالم يشهد بداية مرحلة قاتمة في تاريخ سوريا.

في 30 سبتمبر 2015، بدأت روسيا تدخلها العسكري في سوريا بدعوى محاربة "الإرهاب"، لكن سرعان ما اتضح للعالم أن تلك الطائرات والصواريخ التي أرسلتها موسكو كانت تحمل معها أسوأ أنواع القهر والدمار للشعبٍ السوري

كان الشعب السوري يطالب بحقّه في الحرية والكرامة.

هذه قد تبدو ليست ذكرى، إنّما تُمثل محطة سوداء في تاريخ روسيا الإجرامي، ولحظة ألم فارقة للثورة السورية، حيث دخلت قوة خارجية لتعزز من قمع النظام ولتضع نهاية حقيقية لطموحات السوريين في الخلاص من الاستبداد.

التدخل الروسي، الذي ادعت موسكو أنه سيساعد على "استقرار" المنطقة، كان في الواقع ضربة قوية لكل آمال السوريين في بناء دولة حرة وعادلة. بدلاً من دعم تطلعات الشعب في إنهاء ديكتاتورية الأسد، أصبحت روسيا طرفاً رئيسياً في إطالة أمد معاناة السوريين، مستخدمةً أساليبها العسكرية والقمعية التي لم تختلف عن أساليب النظام نفسه. لم تكن موسكو تلعب دور "المنقذ" كما ادعى البعض، بل كانت في الحقيقة ضامناً لبقاء نظام مستبد ضد إرادة الشعب.

9 سنوات على التدخل الروسي في سوريا.. جرح مفتوح في جسد الثورة

ولا يمكننا في هذا السياق أن ننسى حجم الدمار الذي خلفه هذا التدخل. المدن التي دُمرت، المستشفيات التي قصفت، الأطفال الذين قتلوا تحت ركام المنازل المهدمة، كلها مشاهد تذكّرنا بأن روسيا لم تأتِ إلى سوريا لإنقاذها، بل جاءت لتغرقها في مزيد من الدماء، حيث انتهجت موسكو سياسةً تعتبر فيها أن الأرواح مجرد رقم، والبشر ضحايا في لعبة النفوذ والسيطرة.

لكن يجب ألا نغفل عن الحقيقة الأساسية؛ الثورة السورية كانت ولا تزال ثورة كرامة وحرية. منذ انطلاق الشرارة الأولى، حمل السوريون مطالب مشروعة بحياة كريمة وحقهم في تقرير مصيرهم. لكن التدخلات الخارجية، وعلى رأسها التدخل الروسي، لم تأتِ إلا لتشوه صورة هذه الثورة ولتُحمّل الشعب السوري عبء الصراعات الإقليمية والدولية.

ومن المؤسف أن العالم وقف صامتاً في وجه هذه المأساة. وبينما كانت الطائرات الروسية تقصف المدن السورية بلا رحمة، كانت الدول العظمى تتفرج، مُغمضة أعينها عن الجرائم التي ارتكبت بحق شعب أعزل.

وفي الختام، يجب أن تكون الذكرى التاسعة للتدخل الروسي في سوريا ليست مجرد تذكرة بالماضي الأليم، بل صرخة جديدة لدعم تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة. ما زال هناك أمل في أن تظل الثورة السورية حية في قلوب أبنائها، وأن يستمر الكفاح ضد الاستبداد والاحتلال الروسي بكل الوسائل الممكنة. الشعب السوري يستحق الحرية، ومهما حاولت القوى الكبرى أن تطمس حقيقته، ستظل الحقيقة واحدة: الثورة السورية مستمرة، والكرامة لا تُقهر.